الخميس 19 يونيو 2025 – 9:00
حصلت موريتانيا على التزام تمويلي بقيمة ملياري دولار أمريكي من أربع مؤسسات مالية عربية، في خطوة وُصفت بأنها دعم مباشر لمشاريع التنمية المدرجة ضمن الخطة الوطنية للفترة ما بين 2026 و2030.
وتتوزع هذه التعهدات بين كل من صندوق أوبك للتنمية الدولية، والبنك الإسلامي للتنمية، والصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي، والصندوق السعودي للتنمية، وذلك في أعقاب طاولة مستديرة استضافها مقر صندوق أوبك في العاصمة النمساوية فيينا، أمس الأربعاء؛ بحضور الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني وعدد من المسؤولين في قطاعي الاقتصاد والمالية، إلى جانب ممثلين عن عشر مؤسسات تمويلية عربية.
وخلال اللقاء، قدم الوفد الموريتاني عرضاً مفصلاً للمشاريع المرتقبة ضمن المخطط الخماسي الثالث، بالإضافة إلى برنامج الاستثمار العمومي (2026–2028)، الذي يغطي قطاعات أساسية من بينها البنية التحتية، الطاقة، المياه، الصرف الصحي، الزراعة والنقل، إلى جانب مبادرات موجهة للمناطق الداخلية والعاصمة نواكشوط
الاتفاق تضمن اعتماد آلية تنفيذ ومتابعة مشتركة بين الحكومة الموريتانية والجهات المانحة، وتشمل تقييمات دورية، وربط مراحل التمويل بتقدم المشاريع وتنفيذ الإصلاحات المرتبطة بالحوكمة.
وأكد الرئيس الموريتاني، محمد ولد الشيخ الغزواني، في كلمته بالمناسبة، أن بلاده ماضية في تنفيذ إصلاحات هيكلية شاملة ضمن استراتيجية “النمو المتسارع والرفاه المشترك”، مشيرًا إلى جهود الحكومة في مجال تنويع الاقتصاد، والاعتماد المتزايد على الطاقات المتجددة، وتوسيع الاستثمارات في قطاعات الإنتاج، خاصة الزراعة والصيد والطاقة.
كما تحدث ولد الغزواني عن توجه الدولة نحو التحول الرقمي وبناء القدرات التقنية للشباب، داعيًا الشركاء إلى استكشاف الفرص الاستثمارية في ميادين الطاقة النظيفة والمعادن الخضراء والموارد الزراعية والبحرية.
وبحسب المكتب الإعلامي للرئاسة الموريتانية، فإن هذه التمويلات تمثل اعترافًا دوليًا بالمسار الإصلاحي الذي تنتهجه موريتانيا، لكنها في الوقت نفسه تفتح المجال لتحديات تتعلق بقدرة الدولة على تحويل التعهدات إلى مشاريع ملموسة ومستدامة في ظل المعطيات المؤسسية الراهنة.
وأدرجت موريتانيا هذه الالتزامات ضمن رؤية تنموية طويلة الأمد، تتضمن إصلاحات في المجال المالي، وإعادة هيكلة للبنك المركزي، وتحديث قانون الاستثمار، بالإضافة إلى إطلاق خطة للشمول المالي، وتأسيس هيئة وطنية مستقلة لمكافحة الفساد.
رغم ذلك، أشار تقرير منظمة الشفافية الدولية إلى تحديات مستمرة، إذ حصلت موريتانيا على 30 نقطة فقط من أصل 100 في مؤشر مدركات الفساد لعام 2024، ما يعكس وجود فجوة بين النصوص القانونية والممارسات الفعلية في مجال الرقابة والشفافية
ويرى مراقبون أن استفادة البلاد من هذه التمويلات مرتبطة بمدى التزامها بتفعيل آليات الرقابة وضمان الشفافية، تفاديًا لتكرار تجارب سابقة اتسمت بتراجع أثر التمويلات التنموية.
ودعا الخبير الاقتصادي ووزير الثقافة الموريتاني السابق ختار الشيباني إلى إعادة تقييم الأولويات ضمن البرنامج التنموي الحكومي، مشيرًا إلى أهمية وضع الإنسان في صلب العملية التنموية، وربط الإنفاق بالنتائج، واعتماد الحوكمة الصارمة كشرط لتحقيق الأثر المطلوب